القرآن بين جلال وجمال - تايم تايمز
الخميس 19 سبتمبر 2024




المقالات بأقلامهم › القرآن بين جلال وجمال
القرآن بين جلال وجمال
12-03-2014 12:09


اللغة العربية هي لغة الجمال والاعجاز فيها اسرار كثيرة لاتظهر للكثيرين بقدر ماتظهر من للمختصين فيها من ذلك

كلمة (حمام )بكسر الحاء و(حمام )بفتح الحاء فالحركة هنا للذي يتمحص بدقة يجد انها متناسقة ومتناسبة مع المعنى كيف نقول ان حمام بالفتح المقصود به الطائر المعروف وجاءت الفتحة فوق الحاء وكانها تخبرنا بالمعنى اما في حمام بالكسر فمعناها الموت والميت يدفن تحت الارض فكان الكسرة تخبرنا بمكان الميت وهو تحت ومنه قولك خطبة بالضم وخطبة بالكسر فان الحركة هنا كانها تبين لنا حال الخطيب وهو يرتقي على المنبر وحال الخاطب الذي ياتي متذللا لخطبة امرأة يتزوجها .



وضع القرآن الكريم قواعد للبلاغة سار عليها البلاغيون من خلفه لأنه هو النبع الذي يسقي منه البلاغيون قربهم وهو الذي جاء بأسمى الفصاحة وأعلاها . فهو مرجع أي عالم من علماء اللغة وأي شاعر وأديب نبغ في شعره وفي أدبه . كما انه معجز في بيانه وفي الفاظه وفيه اعجاز تشريعي وإعجاز بلاغي واعجاز تربوي واعجاز لغوي

من هنا يجب توضيح مايخفى على القارئ المبتدئ في قراءته للقرآن فانه يمر على آيات كثيرة فيها كلمات متشابهة في السياق وفي النطق ولكنها اختلفت في رسمها في المصحف الشريف .



القارئ للقرآن الكريم يظن أن الرسم القرآني الموجود بين أيدينا هو اجتهاد من الذين كتبوا آيات كتاب الله وأن الوصل والوقف والمد والحذف والاضافة ماهي الا اجتهادات من الذين كتبوا المصحف .

ان رسم الكلمة في المصحف بحد ذاته اعجاز يقف الانسان متعجبا أمامه لايملك الا ان يقول سبحان الله العظيم ،

انقل اليكم بعض صور الإعجاز لرسم بعض الكمات في المصحف الشريف وذلك لكشف الغموض الذي قد يصادف القارئ الذي يتساءل مع نفسه دون وصوله لإجابة محددة ، هيا معي أحبتي لندلف الى هذه الصور ....

كلمة (يهدين ) تارة تراها بياء وتارة أخرى من غير ياء في الآيات الآتية ( واذكر ربك اذا نسيت وقل عسى ان يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) والآية ( ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) في الاولى بدون بياء وفي الثانية بياء مع ان الكلمة لم يدخل عليها لاناصب ولاجازم ولم تطرأ عليها حركة اعرابية لتغير شكلها ولكن نقول حذفت الياء في الآية الأولى لأن كلمة الهداية هنا يقصد بها الهداية المعنوية المستكنة في النفوس والتي يتمناها الإنسان وهي الصراط المستقيم الذي تحصل به على رضا الله ..... أما في الآية الثانية فإن معنى الهداية هو الهداية الحسية التي يبحث عنها الشخص الذي يتيه في الصحراء ويريد الطريق الصحيح الذي يعيده لأهله فإن موسى كان تائها في الصحراء حيث الليل والبرد ويرى ناراً فهنا لم تحذف الياء

.

نذهب لمثال آخر من القرآن في كلمة (التناد) و( التلاق) قال تعالى ( لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ) وقال تعالى ( وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ ) هنا حذفت الياء من هاتين الكلمتين وعوض عنهما بالكسرة والسبب البلاغي هنا هو دليل على عدم اكتمال الأمر وأنه لم يحدث والمقصود بيوم التناد ويوم التلاق هو يوم القيامة ولأن هذا اليوم لم يحدث ولم يكتمل حذفت الياء .



نذهب الى قوله تعالى في سورة المنافقون (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ)

وقوله تعالى في سورة الاسراء ( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا )

فإن كلمة ( أخرتني ) جاءت بياء مرة ومرة من غير ياء والسبب البلاغي هنا في الآية الأولى أن المؤمن اذا جاءه الموت يدعو الله ان يمد بعمره ليعمل صالحا ويتصدق لنفسه فالطلب هنا لنفسه ولمصلحتها ,, ,,, اما في ( اخرتن) الثانية بدون ياء فهي في قصة ابليس عندما عصى الله ورفض السجود لآدم فطلب من الله ان يمد بعمره ليغوي اكثر الناس فالطلب هنا ليس لمصلحة نفسه انما ليضل غيره ويغويهم عن طريق الهداية فجاءت الكلمة بدون ياء لعدم تشابه الطلب الاول مع الطلب الثاني .



نذهب الى مثال آخر والامثلة في القرآن كثيرة كلمة ( الملأ) لمن يتصفح القرآن الكريم يجد الهمزة تارة على مضمومة على الواو مثل قصة سليمان مع بلقيس ( قالت يا أيها الملؤ أفتوني في أمري ) وقوله تعالى ( قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَؤ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ )

وتارة تجد الهمزة كتبت مكسورة على الياء مثل الحديث عن ملأ فرعون في قوله ( ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ )- ومن باب الاستطراد نذكر هنا معنى كلمة ملأ فقد سمي الملأ ملأً لأنه امتلأ قوة ومالاً وعزوة وجاها اما عدا ذلك فلا يسمى ملأ - أما السبب البلاغي في اختلاف رسم هذه الكلمة في القرآن هو الفرق بين الملأين وخطاب القرآن لهما فإن الملأ الأول وهو ملأ بلقيس و سليمان هو ملأ محترم وغير متجبر فهو ملأ مكرم ويستشار

أما في قصة فرعون فإنه ملأ مهان غير مكرم وهو ملأ مكسور النفس لايستشار ولا يرد له رأي لأن فرعون يستأثر برأيه وهذا الملأ ماهو الا مطيع رغما عنه ...




ثم نذهب بعد ذلك الى كلمة (أتمدونن ) في قصة سليمان ايضاً في قوله تعالى ( فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ ) فقد جاءت بغير ياء والسبب البلاغي هو ان سليمان يريد افهام بلقيس وجيشها بانه ليس ممن يقبل الرشوة على سبيل ردة الفعل السريعة الصادرة من استغراب لعرضهم كما يريد طرد هذا الفكرة من أذهانهم فجاءت بهذا الشكل ( أتمدونن ) بالكسر،



وكلمة ( فما آتاني ) في قوله تعالى ( فَمَا آتَانِ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ) عند ذهابك الى هذه الكلمة في المصحف الشريف تجدها من غير ياء والسبب البلاغي للحذف هنا هو أن الله هو المعطي وعطاءه يكون على وجه السرعة فعوض عن الياء بالكسر لسرعة استجابة الله عز وجل ,,,,,,

ثم اذا ذهبنا الى كلمة ( تتبع ) كما في قوله تعالى (قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن ) وقوله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )

فقد جاءت الاولى من غير ياء وفي الثانية بياء والسبب البلاغي لحذف الياء في الاولى هو ان الاتباع في الآية الأولى يكون معنويا وفي الثانية ذكرت الياء لأن الاتباع هو اتباع حسي عضوي جسدي ،،

كذلك عندما تذهب الى كلمة ( تسالني ) فانك تارة تجدها مرسومة في المصحف بياء ومنه قوله تعالى في قصة موسى مع الخضر { قَالَ فَإِنْ اِتَّبَعْتنِي فَلَا تَسْأَلنِي عَنْ شَيْء حَتَّى أُحْدِث لَك مِنْهُ ذِكْرًا } وتارة أخرى تجدها بدون ياء

ومنه قوله تعالى (( قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين ) فان السبب البلاغي للحذف هو ان سيدنا الخضر يخبر موسى انه سوف يرى عدة اشياء غريبة ومحسوسة تحتاج لاستفهامات وتوقع منه كثرة السؤال فجاءت الكلمة بياء لتناسبها مع مقتضى حال موسى مع الخضر

أما في قصة نوح وجؤاره الى الله ان ينجي له ولده فقد جاءت بغير ياء لأن المسؤول هنا هو الله عز وجل والله يسأل في الأمور الحسية والمعنوية ويعلم ان نوح لن يسأل الا مرة واحدة







لنذهب الى كلمة (صاحبه ) في سورة الكهف عندما حدث حوار بين صاحبي الجنتين فهناك اختلاف في رسم كلمة ( صاحبه ) عن الاخرى ، قال تعالى (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وأعز نفرا ) و قال تعالى ( قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب )

فقد كتبت الاولى بالف مقصورة والثانيه بالف ممدودة والسبب البلاغي هنا هو الاشارة الى اختلاف حال كل منهما اذا ان صاحب الجنه الاول متكبر وجاحد وفي الثانيه فان صاحب الجنه مؤمن وليس جاحداً فانهما اختلفا في التفكير وفي الايمان بان الله هو الرزاق

ويدل على ذلك قوله تعالى ( اذ يقول لصحبه لاتحزن ان الله معنا ) لم تكتب الالف للدلالة على قرب منزلة ابي بكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك كلمة ( يؤتيني ) في نفس القصة في قوله تعالى ( فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ) جاءت من غير ياء للدلالة على ان الرجل يريد بدعائه الخير الأخروي فهو لايطمع بالدنيا ، قال العلماء لو ذكرت الياء لكان هذا دليل على انه يريد الخير الدنيوي .




نذهب الى كلمة ( لعنة ) في القرآن فإنك تجدها تارة بتاء مربوطة وتارة بتاء مفتوحة ؛

اما التاء المربوطة فمنه قوله تعالى ( الا لعنة الله على الظالمين ) وقوله {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين}

اما التاء المفتوحة في آية اللعان بين الزوجين ( وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَت اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كان من الكاذبين ) وآية المباهلة مع اليهود ( فنجعل لعنت الله على الكاذبين ) السبب البلاغي في ربط التاء هو ان المقصود هنا هو المعنى العام للعنة اما في التاء المفتوحة فهي اللعنة المخصصة ، وكذلك كلمة ( رحمة ) عندما تبحث عن هذه الكلمة في القرآن فإنك تجدها تارة بتاء مربوطة وتارة بتاء مفتوحة والسبب البلاغي هو ان التاء اذا كانت مربوطة فالمقصودة بها الرحمة العامة المدخرة عند الله في الآخرة واذا كانت مفتوحة فالمقصود بها رحمة واقعه في الدنيا على أناس معينين في ومنه قوله تعالى ( ذكر رحمت ربك عبده زكريا ) هنا مفتوحة وقوله تعالى ( ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ) هنا مربوطة

وعندما تذهب الى كلمة ( يدعو) في قوله تعالى ( ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا ) وقوله تعالى ( ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته ) وقوله تعالى ( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) في الآيات السابقة حصل حذف حروف في بعض الكلمات

وهي ( يدع ) و ( يمح ) و( فليدع و سندع )السبب البلاغي هو

في الاولى فان سبب الحذف هو سرعة الانسان للشر وعجلته في كثير من الامور وفي الثانيه فان محو الله للباطل سريع بكن فيكون فلايحتاج الى الواو وهكذا







كما نذكر معلومة هنا للفائدة يقال في العربية سكن تسلم ان كنت لاتعرف العلامة الاعرابية لآخر الكلمة أما في القرآن اذا ذهبت لآخر كلمة في كل سورة فلن تجدها ساكنة بل مكسورة للدليل على أن القرآن مترابط فهو وحدة واحدة يكمل أوله آخره ويصدق بعضه بعضا

في نهاية هذا المبحث الذي لخصته لكم وفي القرآن أكثر من ما ذكرت فإنه يجب علينا إعادة النظر للتلاوة والتفكر في آياته وتدبرها تدبراً جيداً لأن في القرآن أسرار لكل علم فلا تجد علما من العلوم الا وله مصدر في القرآن الكريم لأنه دستور للعالم بأسره ومامن انسان يتدبر الآيات المرسومة في هذا المصحف الشريف الا ويخرج بفوائد عدة لاتنتهي فهو المعجز بكل ماتعنيه كلمة الاعجاز فلابد من ختم هذا بكلمة أعجبتني هي أن الفرق بين القرآن وكلام الناس كالفرق بين الله والناس ولله المثل الأعلى دائما وأبدً سبحانه هو الذي أوجدنا وأعطانا أدوات الحياة والنعم الكثيرة التي لاتحصى . وشكراً







كتبه / عياده خليل ( حفرالباطن)

تعليقات تعليقات : 0 | إهداء إهداء : 0 | زيارات زيارات : 2641 | أضيف في : 12-03-2014 12:09 | شارك :


خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


عيادة العنزي
عيادة العنزي

تقييم
7.68/10 (10 صوت)

install tracking codes
للتواصل من خلال الواتساب 0506662966 ـــ 0569616606 البريد الالكتروني للصحيفة arartimes@arartimes.com ص ب 1567 الرمز البريدي 91441