من حضَّر جن الإرهاب…فليصرفه - تايم تايمز
الخميس 19 سبتمبر 2024




المقالات بأقلامهم › من حضَّر جن الإرهاب…فليصرفه
من حضَّر جن الإرهاب…فليصرفه
11-24-2015 09:58

يقول المصريون, إذا ارتد أمر ما على صاحبه :»حضر الجن وما قدر يصرفه»، وهذا المثل ينطبق على الدول التي استعانت بجماعات مقاتلة، كما حدث في أفغانستان حين دعمت الولايات المتحدة الأميركية ودول عربية عدة، المجاهدين الأفغان من أجل دحر الاحتلال السوفياتي، وعندما انسحبت القوات الروسية لم تستطع تلك الدول «صرف الجن الذي حضرته»، وشهد العالم الفظاعات التي ارتكبها تنظيم القاعدة في الحادي عشر من سبتمبر العام 2001 إضافة إلى الجرائم الإرهابية ضد الآمنين في السعودية ودول عربية وأوروبية عدة.
للأسف الامر ذاته يتكرر اليوم بحذافيره في سورية والعراق، حيث تتسابق الدول على محاربة «داعش» الذي صنعته الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، استنادا إلى شهادات من مسؤولين سابقين فيها، وها هو اليوم انتقل إلى حيث تم تحضيره ليمارس إرهابه مع بدء الحديث عن تسوية للأزمة السورية، ما يعني فشلا في «صرف الجن» الجديد.
قبل ذلك رأينا كيف دعمت إسرائيل «الإخوان المسلمين» بمباركة أميركية من أجل تدمير مصر وإقامة حزام أمني يحمي إسرائيل من تهديد الدول العربية لها كما تزعم، فيما الهدف الأساس من ذلك هو تدمير السعودية ودول «مجلس التعاون» التي تشكل عصب الاقتصاد العالمي وإعادة رسم خريطة المنطقة وفقا لمصالحها الستراتيجية، لكنها فشلت في ذلك.
الخطأ المميت هذا يتكرر مع كل الجماعات الإرهابية، ولا يستثني «حزب الله» ولا «النصرة» أو «أنصار بيت المقدس» وغيرها، بل للأسف فان هذه الدول حين تفشل ترضخ للأمر الواقع وتتعامل مع تلك الجماعات على امل اتقاء شرها، وما جرى بعد التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني خير دليل، فالمجتمع الدولي الذي اصر في السابق على اعتبار «حزب الله» إرهابيا, سعيا للضغط على إيران في المفاوضات الشهيرة، رأينا كيف تراجعت بعض الدول عن ذلك حين رفعته من قائمة الإرهاب، وفي الوقت عينه كيف بدأت الدول نفسها تتعامل مع «طالبان» وتجري محادثات غير مباشرة مع «القاعدة» بعد عجزها عن تفكيكهما.
ألا يعني هذا أن تلك الدول لا تملك أسلوبا آخر لادارة صراعاتها مع خصومها، وإلا لكانت تعلمت من التجربة الافغانية، وما سبقها من تجارب مع المنظمات الماركسية الثورية، وبدلا من أن تقع في سورية والعراق في فخ نصبته لغيرها أوقعت نفسها فيه؟
فـ»داعش» الذي صنع للضغط على إيران وغيرها من القوى الإقليمية انقلب على الأوروبيين والغربيين، بل حولته إيران وإسرائيل وسيلة ابتزاز لخصومهما، فبدأ يعيث فسادا، وليس ما جرى في فرنسا وما تعيشه بلجيكا من رعب اليوم إلا نتيجة طبيعية لعدم القدرة على «صرف جن حضروه هم».
المواجهة الحقيقية لهذه المشكلة لا تتم بما يطلقه الرئيس الأميركي من شعارات تفوح منها رائحة المصالح الانتخابية الرئاسية، ولا بالانتقام الفوري الذي تمارسه كل من روسيا وفرنسا عبر القصف الجوي في سورية، لأن هؤلاء الارهابيين لا تهمهم البنى التحتية وحياة الأبرياء، وهم كالقرود كلما شعروا بخطر قفزوا الى مكان آخر تاركين غيرهم يدفع ثمن اجرامهم، ولذلك الحل الوحيد هو حرب برية عالمية على هذا التنظيم وغيره من الجماعات ووضع قائمة الإرهاب على الطاولة الدولية للقضاء على أسبابه، في الوقت الذي تعمل هذه الدول على تغيير أسلوبها في إدارة صراعاتها وتخرج من قمقم «جن شبيك لبيك» الإرهابي.

أحمد الجارالله

تعليقات تعليقات : 0 | إهداء إهداء : 0 | زيارات زيارات : 1039 | أضيف في : 11-24-2015 09:58 | شارك :


خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


أحمد الجار الله
أحمد الجار الله

تقييم
9.02/10 (11 صوت)

install tracking codes
للتواصل من خلال الواتساب 0506662966 ـــ 0569616606 البريد الالكتروني للصحيفة arartimes@arartimes.com ص ب 1567 الرمز البريدي 91441