التحالف الإسلامي العسكري سر اللّكمة الثانية للإرهاب - تايم تايمز
الخميس 19 سبتمبر 2024




المقالات بأقلامهم › التحالف الإسلامي العسكري سر اللّكمة الثانية للإرهاب
التحالف الإسلامي العسكري سر اللّكمة الثانية للإرهاب
12-24-2015 05:12



منذ الإعلان عن إقامة التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، بقيادة المملكة العربية السعودية وعضوية 34 دولة، تبدو دوائر معينة في حالة من الوجوم، عبّرت عنها التصريحات المترددة والمقالات العدوانية وغير ذلك، ما ينبئ بالكثير خصوصاً من قبل بعض الجهات، التي أصبح من المتفق أنها تعيش في حالة زواج مصلحة مع هذا التنظيم الإرهابي أو ذاك.

لقد كانت جهات عديدة تعيش على وهم أنها أصبحت المسيطر على مقدرات شعوب المنطقة ودولها، وأن لا شيء يجري إلا بأمرها في منطقتنا ومحيطنا الحيوي، لكن تجربة عاصفة الحزم والتحالف الذي أربك حسابات الكثيرين جعلتها تعيد حساباتها، وإن بشكل غير كامل كونها توقعت أن الأمر لن يتعدى اليمن.

أما اليوم، ومع اتساع قاعدة التحالف الجديد لتشمل العالم الإسلامي من نيجيريا غرباً إلى إندونيسيا وماليزيا شرقاً، واتساع نطاق المواجهة بحيث لا يقتصر على «داعش»، وإنما كافة التنظيمات الإرهابية التي تحاربنا قبل غيرنا، فإن عمق الصدمة بحد ذاته يكشف عن أهمية التحالف والدور الذي يمكن أن يلعبه لصالحنا كعرب ومسلمين وللعالم أيضا.

لذلك، يبدو غريباً أن تقوم صحيفة غربية رئيسية معروفة بمعاداتها للعرب والمسلمين مثل «واشنطن بوست»، بنشر مقال يعتبر أن التحالف لا جدوى منه، ولكنها تستدل على ذلك بآراء جهات معروفة بدعمها للإرهاب، بل وحتى بعض الأفراد الأعضاء في منظمات إرهابية، فما هو المقصود فعلياً؟ هل يفسد هذا التحالف بعض المخططات التي يجري تنفيذها بالسر في منطقتنا؟ أم أن المطلوب أن ننسى أن اجتياح «داعش» للمدن العراقية مثلا توقف تماماً عند حدود «الدولة» التي رسمتها خارطة الشرق الأوسط الجديد الشهيرة عام 2006؟

ولكن، وبغض النظر عن هذه الأصوات السلبية التي تنوح بمقدار تألمها، لا بد لنا نحن، كخليجيين وكعرب وكمسلمين، أن ننظر إلى هذا التحالف وشقيقه الذي سبقه نظرة مختلفة تعتمد على ما الذي يحققه لنا «نحن»، وليس على ما الذي يسببه لهم «هم» أيا كانوا.

فالتحالف، وما يجلبه من فوائد استراتيجية، يخدم مصالحنا العليا على المديين المتوسط والطويل، ويعيد موضعة القوى في المنطقة لصالح الجانب العربي والإسلامي، خلافا للوضع السابق الذي كثرت فيه السكاكين والشوك والطباخون.

إن المطلوب منا أن نتعامل مع هذه التحالفات، سواء بوضعها الراهن أو باحتمالاتها المستقبلية، من منظور مصلحتنا نحن، وآن الأوان أن ندرك جميعا أن التعامل مع المصلحة الفردية فقط يعبر عن قصور في التفكير في المرحلة الحالية، خاصة أن التحديات الماثلة أمامنا كبيرة وشاملة ولا تستهدف دولة واحدة وحدها، وبالتالي فلا يمكن علاجها بالأساليب الفردية القديمة.

ولعل أبرز ما في التحالف الجديد، وتماما كسلفه تحالف عاصفة الحزم، هو أننا قررنا أن نقتلع شوكنا بأيدينا، فإذا كان الإرهاب يستهدفنا نحن أولا وقبل غيرنا، فلن يكون من المجدي أن ننتظر غيرنا ليقوموا بعملنا، كما أنه لن يكون من المفيد أن نترك مصير منطقتنا للتدخلات الخارجية. في النهاية، نحن المهددون مباشرة بهذا الخطر ونحن الذين ينبغي أن نواجهه وننتصر عليه ونستأصله، دفاعاً عن عقيدتنا الإسلامية السمحة، وعن شعوبنا ودولنا وعن مصالحنا الاستراتيجية. هذه معركتنا، فرضت علينا، ولكننا سنخوضها دفاعاً عن عقيدتنا ووجودنا.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار تزامن تأسيس تحالفي عاصفة الحزم ومكافحة الإرهاب، مع تعزيز وتقوية علاقات القوى الفاعلة عربياً بالقوتين العالميتين الوحيدتين القادرتين على موازنة منطق القطب الأوحد، وهما الصين وروسيا، إضافة إلى الخيار الاستراتيجي الذي أخذته دول الخليج العربي ومصر والأردن والمغرب بتنويع مصادر تسلحها وعدم الاعتماد على مصدر واحد للسلاح، وما تشهده هذه الدول أصلاً من تأسيس لصناعات حربية واعدة، يمكننا أن نلحظ أحد العوامل الأساسية في انزعاج البعض من هذين التحالفين (الحزم ومكافحة الإرهاب) لأنهما يعنيان أن الدول العربية قررت أن تأخذ مصيرها بيديها، وأن تقرر هي مصالحها، خاصة بعد «فضيحة» بل وتبني البعض لفوضى الربيع العربي ومحاولة تسويقه باعتباره من إنجازاتهم «الديمقراطية».

ومن الواضح أن مراكز الدراسات الاستراتيجية الغربية تنظر اليوم بجدية بالغة إلى جهود تعزيز العلاقات مع الصين وروسيا، لأنها تعني المزيد من الانعتاق عن القطب الأوحد، والبعد عن الحاجة للشريك المضارب في السياسات والاستراتيجيات.

وقد عبّر عن الأمر بوضوح الصحافي الأميركي موشيه نعيم، في ندوة أقيمت مؤخراً، حين قال إن العقبة الرئيسية في وجه انتشار مشروعنا لنشر المفهوم الأميركي للديمقراطية (يقصد على شاكلة الربيع العربي) تكمن في تعزيز دور كل من الصين وروسيا عالميا وحضورهما إقليميا.

أما الحالمون باستعادة دور شرطي الخليج، والذين صُدموا في التحالف الجديد مرتين الأولى في التحالف نفسه والثانية في استثنائهم وتوجيه انتقادات مبطنة لهم بدعمهم للإرهاب، فهم مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتوقف عن اللعب على عدة حبال، لأن سياسة ارتداء عدة وجوه وتبديلها عند كل مرحلة لم تعد مجدية، وستدفعون أنتم ثمنها أكثر من غيركم، خاصة وأن تنظيماتكم الإرهابية لم تعد مستترة أو مخفية، بل أصبحت تجاهر بجرائمها في العلن تماماً مثل بقية التنظيمات الإرهابية الأخرى.

ولهؤلاء تحديداً تذكير بمباراة شهيرة فاز فيها محمد علي كلاي على فريرز في عاصمة الكونغو زائير، لعلهم يفهمون الرسالة جيداً، فيومها قال فريزر بعد أن سقط هاوياً على الأرض بالضربة القاضية: «لقد استنفد كلاي قواي، ثم أسقطني بلكمتين، لكمتين لا غير».

تعليقات تعليقات : 0 | إهداء إهداء : 0 | زيارات زيارات : 556 | أضيف في : 12-24-2015 05:12 | شارك :


خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


ضرار بالهول
ضرار بالهول

تقييم
9.02/10 (11 صوت)

install tracking codes
للتواصل من خلال الواتساب 0506662966 ـــ 0569616606 البريد الالكتروني للصحيفة arartimes@arartimes.com ص ب 1567 الرمز البريدي 91441