منهج السلف الصالح بين المحنتين - تايم تايمز
الخميس 19 سبتمبر 2024




المقالات بأقلامهم › منهج السلف الصالح بين المحنتين
منهج السلف الصالح بين المحنتين
05-28-2016 12:04

الربيع العربي كما يسمى كان فاضحاً بامتياز، لأن كثيراً مما نعتقده من الثوابت قد أصبح متحولاً، وكثيراً من الشخصيات قد انهارت وزلت أقدامهم، وهؤلاء في كل ربيع ستطل رؤوسهم من نوافذ الفتن، كما كان أسلافهم الذين تعلقت قلوبهم بزخرف الدنيا، فإن أعطوا منها رضوا، وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون، ونشهد الله أنه حينما جاءتنا القسوة من كل مكان في ذلك الربيع، كان أقساها خيانتهم للوطن، حين قلبوا له ظهر المجن، فزمجروا وأرعدوا زرافات ووحدانا، ولولا لطف الله لخربوا بيوتهم وبيوتنا بأيديهم، وأصبحنا لاجئين في مخيمات على الحدود.
الإيمان ليس ادعاء يدعيه من شاء على أريكته حينما يشاء وكيفما يشاء، قال تعالى: «أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ» (العنكبوت: 2)، ولذلك لم تغير أئمة الإسلام الحوادثُ، بل تصقل معادنهم وتميز ثبات عقولهم حينما تطيش عقول الناس وتكشف نواياهم، لأنهم قادرون على الرؤية الصحيحة في كل الظلام من حولهم، ويؤكده قول الحكماء: إذا أقبلت الفتنة من بعيد عرفها كل عالم وكل عاقل، ولكن الجهال والحمقى والصغار لا يعرفونها، إلا حين تطحنهم برحاها، وتحرقهم بنارها، وتنتشر في كل مكان انتشار النار في الهشيم. وإن كان الإمام أحمد ثبت في محنة خلق القرآن، ورسم للأمة منهجا على خطى المنهج النبوي، فحقن الدماء وأجهض الثورات، فقد ثبت في فتنة الربيع العربي قلة قليلة، وعلى رأسهم سماحة الشيخ صالح الفوزان، الإمام الثابت كالطود العتيد، والسائر على خطى الشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله، وما كان، عفا الله عنه، إلا بابا من أبواب السنة وقلعة من قلاع التوحيد، لم تغره كثرة الأعداء وتسليط الأضواء، وسقوط بعض العلماء المحسوبين على المنهج السلفي، ممن نعرفهم كسقوط الفراش في النيران واحداً تلو الآخر، ولم تفتنه هتافات المرجفين في تويتر والفيسبوك، ولم تهزه الرياح العاتيات، ولا إرجاف الحركيين، كان إمام الصرحاء، الذين سموا الأشياء بمسمياتها من دون خوف أو وجل، في حين كان غيره يمسك العصا من المنتصف، وينتظر من ينتصر، ويحاول أن يضع يدا مع الربيع العربي، لم يتلون في حديثه كما تلونوا بين الهمز واللمز والطلاسم، ولم يعتزل الساحة، حينما سلوا سيوفهم في وجه الوطن وكسروا أغمادها، وهيجوا الشباب للتظاهرات، وشموا رائحة الخلافة المزعومة في صورة تتناقض مع منهج السلف الصالح، الذي كانوا يدعونه بالأمس حتى فضحهم الله، وسماحة الشيخ صالح الفوزان ليس معصوماً، ولا يدعي العصمة، فيؤخذ من كلامه ويرد في جانب الفتوى، وأما في المنهج فهو المبرأ الموفور، والإمام المخلص والقدوة، وكل كلمة كانت من رحم ذلك الربيع موثقة في سفر الخالدين وذاكرة الوطن، فإما حقاً وعدلاً، وإما باطلاً وخيانة، والله من وراء القصد

تعليقات تعليقات : 0 | إهداء إهداء : 0 | زيارات زيارات : 660 | أضيف في : 05-28-2016 12:04 | شارك :


خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


د. عبدالله بن ثاني
د. عبدالله بن ثاني

تقييم
9.01/10 (10 صوت)

install tracking codes
للتواصل من خلال الواتساب 0506662966 ـــ 0569616606 البريد الالكتروني للصحيفة arartimes@arartimes.com ص ب 1567 الرمز البريدي 91441