الحبُّ موصولٌ بـ«حبل الوريد» - تايم تايمز
الإثنين 16 سبتمبر 2024




المقالات بأقلامهم › الحبُّ موصولٌ بـ«حبل الوريد»
الحبُّ موصولٌ بـ«حبل الوريد»
08-02-2014 07:34


حين أمسكتُ قلمي لأكتب عن الحب أدركتُ أني سأكتب عن شيء مهم وضروري لحياة الإنسان كالشريان السباتي (حبل الوريد)، وهو شريان رئيس يجري جانب الرقبة ليزوِّد الرأس والدماغ بالدم، حقيقة لم أجد أقرب من هذا التشبيه للحب؛ نظرًا لحاجتنا إليه كي نعيش بين الأهل والأصحاب وفي حياتنا الزوجية والأسرية، وكثيرًا ما أوصي أطفالي بالحب وأحذرهم من فتح مسامعهم للمحبطين، الذين يرددون أن الحب كلام فارغ و”عبط “، حتى بين الإخوة قُدم الاحترام على الحب والعاطفة وإن كان الأخ الأكبر قاسيًا فظًّا غليظَ القلب، كيف نرجو من الصغير الاحترام والحب وهو لم يره ولم يتعلمه من الكبير؟ ورسولنا الكريم قال: “ليس منَّا مَن لا يرحم صغيرنا ويوقِّر كبيرنا”، حتى حين اختنقتُ من نقص أكسجين الحب في العمل قالوا لي ناصحين: ليس المهم أن تحبي كلَّ مَنْ تعملين معهم، فهذا ليس مكانًا للحب، برغم أن الرحمن أكد لنا (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ).
مما زاد يقيني بقناعاتي وأني صح وهم الخطأ، فعشت حياتي أتمنى الحب الصادق لأعيش له، وعكفت على تعليم أطفالي “رعيتي” كيمياء الحب، وأن أفهم ابنتي أن الحب شيء جميل وأساسي كي يعيش الإنسان، بل لا تقل أهميته عن أهمية “حبل الوريد”، فالحب يبدأ أولًا بنفسكِ، فمتى ما أحببتِها بصدق ارتقيتي بها عن الدنايا، فتحبين للآخرين ما تحبينه لنفسك، وبما أن جيلكم الآن أخذ من الحرية ما أخذ حتى أصبحنا نرى المرأة تخالط الرجل في التعليم والعمل والميدان، ولا ينكر عاقل أن المرأة حينها ستكون قريبة من سماع كلمات الحب، فإن لامست قلبكِ الصغير حروفُه يا ابنتي أخبريني وثقي أني سأكون صديقتكِ التي تدلُّكِ على الطريق الصحيح وتبيِّن لكِ الصح من الخطأ، واحذري من العلاقات العابرة، وإن هانت عليكِ نفسك فكري بي أنا، (لا تخذليني) أو تطأطئي رأسًا كان دائمًا مرفوعًا شامخًا، فالحب بين المرأة والرجل له ثمن وضوابط وصكوك، ليس سبهلَّلة أو كلمات تدوِّخ والسلام!
إنـني بهذا أحاول ما استطعت أن أعلِّم ابـنتي الحب بالمنطق والعقل بعيدًا عمَّا تبثه الشاشات من إعلام رخيص يعمل على سرقة الإنسان وقَلْب مفاهيمه وقيمه حتى بات يصوِّر الزنى على أنه ممارسة الحب، وإن حصل وحملت الفتاة فما هو إلا ثمرة لهذا الحب، وكأنهم يجرُّون أبناءنا لشهوات ملونة بالأعذار وسهلة، ضاربين بالدين والقيم عرض الحائط، مشوِّهين بذلك صورة الحب الحقيقي، وبعيدًا أيضًا عن تعاليم القبيلة والمجتمع الذي لا يعترف بالحب، فأغني لها دائمًا:
الحب أسمى من رماد الفلوس
ومن كنوز الأرض وماس الشموس
الله وحده فجَّره في الضمير
وأجراه في دم الغني والفقير
وسيَّره في الأرض عبر الأثير
وتوج الإنسان به فارتقى

الحب هو أن نرتقي ونسمو عن القبيح، الحب أن لا نيأس حين نُخدع بالآخرين أو يمضي العمر بنا ولم يكتب الله لنا أن نعيشه حتى بين الأهل كالنبي يوسف أو النبي زكريا وأم موسى، حتى نظن أنه محرَّم علينا من بين الناس جميعًا، لكن المؤمن الواثق بالله يشرق الحب في قلبه حتى يعرف الله فيدعوه ويدعوه ويدعوه منتظرًا ذاك اليوم الذي يقول للعالمين ماذا فعل الدعاء بهِ، إذ يُعلمنا الرحمن في القرآن العظيم (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ). لِمَ حرَّم الله عليه المراضع؟ تأتي الإجابة (فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)، وأيضًا يُعلمنا الرحمن في موضع آخر (وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) لِمَ أصلح الله زوجه؟ وكيف؟ (إنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).
لم نرَ في كيفية الصلح عطَّارين أو عرَّافين، بل وجدنا الله (الأمل) فاتحًا بابه لعباده منتظرًا العمل مع قوة اليقين به سبحانه دون أن نجعل بيننا وبينه واسطة، بل إن البعض منَّا حين يشتكي من قسوة ظروفه ونذكّره بالدعاء مع الصبر وكيف سيكون الفرج، يرد عليك: أنا لست نبيًّا! ناسيًا أو متناسيًا أن الأنبياء أكثر مَنِ امتُحنوا وزُلزلوا زلزالًا شديدًا، وحين صبروا مع الدعاء واليقين بالله أتتهم الدنيا وهي راغمة، ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون، (قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
باختصار:
إن نفسًا لم يشرق الحب فيها
هي نفسٌ لا تدري ما معانيها
أنا بالحب قد وصلت إلى نفسي
وبالحب قد عرفت الله



بقلم / إيمان السالم
الوئام

تعليقات تعليقات : 0 | إهداء إهداء : 0 | زيارات زيارات : 906 | أضيف في : 08-02-2014 07:34 | شارك :


خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


إيمان السالم
إيمان السالم

تقييم
5.50/10 (2 صوت)

install tracking codes
للتواصل من خلال الواتساب 0506662966 ـــ 0569616606 البريد الالكتروني للصحيفة arartimes@arartimes.com ص ب 1567 الرمز البريدي 91441