ماذا صنعت فينا الجوالات الذكية؟! - تايم تايمز
الإثنين 16 سبتمبر 2024




المقالات بأقلامهم › ماذا صنعت فينا الجوالات الذكية؟!
ماذا صنعت فينا الجوالات الذكية؟!
08-23-2014 11:32



في الماضي كانت المرأة لا تملك سلاحاً للتعبير عن الرفض أو الغضب إزاء حدث أو موقف أو سلوك بدر من الزوج سوى الجفاء والزعل وافتعال الحرمان النفسي، وكانت هذه الوسيلة النفسية تلقى فاعلية مؤثرة عند الزوج (الطبيعي) الذي لا يطيق، في الغالب، خصومة الزوجة لأكثر من يوم!! لا يحتمل الحرمان من ضحكتها ومسامرتها ومجالستها، بل بعضهم يخال إليه أن الدنيا كلها تخاصمه تضامناً مع خصام الزوجة.. الآن وبعد شيوع أجهزة الجوالات الذكية، أصبح زعل الزوجة بالنسبة للرجل فرصة ثمينة لا تعوَّض للاستغراق في قراءة رسائل الواتس والتغريدات وفتح الروابط والدردشة. ولو ظلت المرأة على الخصومة لأسبوع أو شهر لما شعر الرجل بالفرق!!


في الماضي كانت علاقات متينة وراسخة ومديدة تنشأ بين الناس من خلال فترة الانتظار في المستشفى أو المرافق والدوائر والبنوك، أو في المطار... لأن الإنسان «والشخصية العربية على وجه التحديد» اجتماعي بطبعه، سرعان ما يلتفت إلى أقرب إنسان بجواره ويفتعل معه حديثاً، عادة يكون مدخله «طقس اليوم» أو التعبير عن الازدحام... ليتحول الحديث بعدها عن عمق تفاصيل الحياة الشخصية، وربما تحولت في المستقبل إلى مصاهرة ونسب.. الآن وبعد شيوع أجهزة الجوالات الذكية، لا تشاهد إلا رؤوساً منكسة على شاشات أجهزتها، لا يمكنك بحال من الأحوال اختراق خصوصيتها، أو استغراقها في القراءة.. بالكاد أمكنك السؤال مضطراً، بعد الاعتذار الشديد، عن مكتب أو مكان أو شخص... والويل والثبور لمن تنفد بطارية جواله في موقف انتظار!!
في الماضي كانت الخادمة والسائق لا يحظيان بفرصة لسماع صوت العائلة في أوطانهما إلا كل شهر أو شهرين، وكانت الفترة التي تعقب المكالمة هي الأكثر حماساً وألقاً في العمل. تجد الابتسامة لا تفارق وجه الخادمة والسائق، ويظلان على أطلال المكالمات لأيام.. الآن وبعد شيوع أجهزة الجوالات الذكية، غدت نفسيات الخدم «شينة» ومتوترة على طول الأيام، فالغياب عن الأهل والوطن، فقط، بالجسد، لكنهما يعيشان معهم الأحداث والخلافات والمشاجرات كل لحظة؛ بالصوت والصورة والفيديو...


في الماضي كانت الزوجة الذكية هي التي تعمد إلى إطلالة جديدة؛ التحريض الأكثر رواجاً بين النساء.. تسريحة جديدة، فستان جديد، مكياج مميز،...لكسر روتين الحياة الزوجية. الآن وبعد شيوع أجهزة الجوالات الذكية، لم تعد «الإطلالة» سوى للفنانات كمصدر استرزاق. أما الزوج، فإنه وبفضل التركيز في شاشة الجوال وتنكيس رأسه طوال اليوم، لم يعد منتبهاً أن تكون زوجته مرتدية قميصاً فاتناً أو جلابية «أبو المعاطي» في مسلسل «العُمدة»!!


بقلم / د. أميرة علي الزهراني

تعليقات تعليقات : 0 | إهداء إهداء : 0 | زيارات زيارات : 869 | أضيف في : 08-23-2014 11:32 | شارك :


خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


د. أميرة علي الزهراني
د. أميرة علي الزهراني

تقييم
5.50/10 (2 صوت)

install tracking codes
للتواصل من خلال الواتساب 0506662966 ـــ 0569616606 البريد الالكتروني للصحيفة arartimes@arartimes.com ص ب 1567 الرمز البريدي 91441