عرعرتايمزـ التحرير نظم مقهى الشباب الثقافي بنادي الحدود الشمالية الأدبي أمسية ثقافية بعنوان ( آثر الانقسامات الفكرية على الوطن و شبابه ) بمقر النادي استضاف فيها فضيلة الشيخ الدكتور عيسى الغيث و أدار الأمسية الأستاذ أحمد الرباعي .
في البداية .. قدم الأستاذ الرباعي ضيف الأمسية الدكتور الغيث بعد أن رحب به ثم ترك الحديث لسعادة الدكتور الذي بدأ حديثه عن ظهور هذه الانقسامات و أسباب ظهورها و هو أننا حولنا الخلافات إلى اختلافات ثم تحدث عن تأثير هذه الانقسامات عل الوطن و شبابه و قال في هذه المحاضرة أريد أن أجسر الفجوة في الاختلافات الفكرية و ألا أزيد الطين بله وأجعل منها انقسامات من اجل اللحمة الوطنية و ألا يكون الشباب في مفترق الطرق و ألا يكونوا في إشكاليات ، و لكن قبل أن نعالج أي حالة لا بد ان نشخصها و لابد أن نتحمل العلاج الذي يأتي في الطريق إليها ، إذا هذه التقسيمات قد تكون تقسيمات عادية مثل ان أقول المملكة من ثلاثة عشر منطقة ، هل هذا انقسام ..!
هذا تقسيم و ليس انقسام .. و حينما أقول أن المملكة فيها 140 قبيلة مثلاً وأصفه بالانقسام ..! هذا ليس انقساما بل هذا تقسيم ؛ وهو تنوع إيجابي بالمجتمع و حينما أقول أن كل منطقة فيها محافظات و مدن و مراكز و قرى هنا نصف شيء معين .. لا يعني أننا قسمنا المجتمع .
الملك عبدالعزيز رحمه الله .. وحدنا بفضل الله بعد أن كنا متناحرين و متفرقين ، وأن من جاءنا وأراد ان يقسّمنا و يكفّرنا فهو ليس منا ..
الخطورة أن نحول الاختلافات الفكرية ضمن دائرة الوطن إلى مسلم و كافر ،منافق وغير منافق ، وطني و غير وطني .. و نأتي للمزايدات .
ثم قال .. ان هناك خطاب مقلق و هو موضوع النفاق .. حيث أنه الأن في مواقع التواصل الاجتماعي و في بعض التغريدات والمقالات تجد كلمة " النفاق " و فلان منافق و هكذا .. حيث استطرد في هذا الموضوع و شرحه و أفاض فيه موضحا إن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف المنافقين إلا بعد أن أوحى له الله بأسمائهم ثم أخبر الصحابي حذيفة بن اليمان بأسمائهم
حتى أن عمرا رضي الله عنه لم يكن يعرف عن نفسه أنه منافق أم ؛ حتى سأل حذيفة واطمأن إلى أنه ليس من زمرة المنافقين .
والبعض هنا أصبح يشير لفلان أنه منافق والآخر غير منافق .
وقد أكد فضيلته أن من يقسّم المجتمع هو من يرى أنه على وغيره على باطل في مسائل خلافية
ثم تطرق إلى مسألة كيفية المحافظة على الشباب من هذه الانقسامات " نحافظ عليهم بان نعلمهم فقه الائتلاف قبل فقه الخلاف و أن نعلمهم فقه الخلاف قبل فقه المسائل .. بمعنى أن لا نصرّ على الآراء و نقول أنها الصواب و غيرها خطأ الأولى أن نقول هذا هو الراجح و يجب أن يكون عندنا رأي و رأي أخر "؛ فلستُ ملزما بقبول ماتراه وأنت لستَ ملزما بقبول ماأراه فالخلاف مقبول
ثم تحدث عن دور المؤسسات الحكومية لا سيما التعليم و الإعلام في الحد من تفشي هذا الانقسام حيث قال " للأسف أن بعض الجامعات تريد أو بعض الأساتذة أو يريدون أن يفرضوا رأياً معيناً" و ضرب الأمثلة في الجامعات و المؤسسات من هذه الناحية "حيث أنهم يريدون أن يستنسخوا مقلدين لهم وهناك أساتذة يريدون أن يرجح طلابهم ما يرجحونه و هذا الذي يخلق هذه الانقسامات. فالمفروض أن نحرص على تخريج مجتهدين وليس مقلدين ؛ حتى على مستوى الأسرة من الخطأ ان يحرص الآباء على أن يكون أبناؤهم نسخة منهم فعصر الأبناءغير عصر الآباء؛ ويجب أن يتفهم الآباء ذلك ويتقبلونه .
ثم انتقل إلى ما يتعلق بالتقسيمات ، "و أن هناك فرق بين التقسيم و التوصيف ، مثلاً أن تقول المجتمع فيه عدد من المناطق و عدد من القبائل ثم تقول أن المجتمع فيه تيارات إسلامية و غير إسلامية و هناك متشددين و وسطيين و تقليديين و .. و الواجب ألا تذكر الأسماء من الناحية الشرعية و الأخلاقية .
وبالنسبة لدور المؤسسات التعليمية فقد وصفه بأنه ضعيف إلى الآن ولنا أمل كبير بوجود سمو الأمير خالد الفيصل – وزير للتربية و التعليم – ونأمل أن تكون الامور على ما يرام ..
مؤكدا أن التعليم بالتلقين فقط جعل ابناءنا أداة طيّعة بأيدي المحرضين والمتطرفين.
وقد أبدى فضيلته تفاؤله بعودة الطلاب المبتعثين وخريجي الجامعات الناشئة والجديدة بأنهم يقبلون الآخر.
و عندما تطرق إلى دور الإعلام الجديد قال " هناك نضج إعلامي و هي لم تزيد المشكلة هي في الحقية كشفت الواقع .. والمشكلة إن بعض من نصفهم بالنخبة انساقوا وراء الرأي العام
و الفرق كبير بين توصيف الواقع و بين تصنيف الناس ولا بد أن نقول للناس واقع المجتمع ولكن لا يجوز ذكر الأسماء.. أما الجامعات فتدرس قوائم المذاهب الفكرية و الجماعات ، فلماذا نستنكر ذلك اليوم علينا . لماذا يكال بمكيالين إذا كان إسلامي له حق أن يصلح الأخر أو يكفر هذا أو يفسقه ، و لذلك لا يصح إذا كنت كذلك أن أكفر الأخر و أفسقه لمجرد أنه خالفني ، لأن تكفير الفعل للعلماء و تكفير الفاعل للقضاء .
ثم تطرق إلى أسباب الانقسام في المجتمع حيث ذكر أن الثالوث الذي يسبب الانقسام أولاً التحزب ثانياً التشدد ( الغلو – التطرف ) ثالثاً التقليد حيث تحدث عنها بإسهاب و ضرب الأمثلة التي تؤيد ما قاله مؤكدا أن التطرف لأقصى اليمين أو لأقصى اليسار هو السبب في تقسيم المجتمعات .. و أعطى الحلول لها .. حيث قال أن الحل يكون بالوسطية ، الاعتدال ، العدل و التسامح و أن تكون اختلافاتنا قائمة على ثلاثة أشياء .. الوسطية ، الاعتدال ، العدل . و ان يكون حوارنا مبني على علم و على عدل و على أدب .
ثم ختتم حديثه بانه يجب علينا ان ندرس فقه الثم ختتم حديثه بانه يجب علينا أن ندرس فقه التلاف قبل فقه الاختلاف .. و أن ندرس فقه الاختلاف قبل فقه المسائل ، و ما أردته من هذه الأمسية إلا أن نسعى إلى الائتلاف الوطني بين السعوديين و من ثم بين العرب و من ثم بين المسلمين و من ثم بين الإنسانية جمعاء ، و الانقسامات الفكرية بين التنوع الإيجابي و التضاد السلبي و نحن مع التنوع ، و نحن مع الاصلاح و لكننا ضد الافساد فالاختلاف سنة كونية ، و منهجنا الوسطية و التسامح بشفافية و جرأة .
ثم أتت المداخلات الساخنة التي أثرت موضوع المحاضرة و التي رد عليها الشيخ الدكتور الغيث بكل شفافية وكانت إجاباته مقنعة للمداخلين .
و في ختام الأمسية قام رئيس مجلس إدارة نادي الحدود الشمالية الأستاذ ماجد المطلق بتقديم درع تذكاري للضيف الكريم د.عيسى الغيث بهذه المناسبة وشهادة شكر وتقدير لمدير الأمسية أ.أحمد الرباعي.